بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
قال الأديب الأستاذ عضو اتحاد الكتاب العرب عبداللطيف الأرناووط في سمات الأدب النسائي في بلاغات النساء لأحمد بن طيفور ص107-109من مقالته من مجلة التراث العربي العدد رقم 50 1يناير 1993 :
** فاطمة بنت رسول الله (ص) :
وأما بلاغة فاطمة بنت رسول الله (ص) فتتجلى فى تدفق عاطفتها وحرارة تعبيرها، فكلماتها مختارة شديدة الموقع فى القلوب وعباراتها مسجوعة قصيرة تعمد الى التصوير المحسوس ، وتسكب الفكرة فى ثوب من البيان الملموس ، ولغتها مقدودة من عالم البادية الخشن القاسى، إلا انها تجيد التأثير فى القلوب ، دخل النساء عليها فى مرضها الاخير، فسألنها: كيف اصبحت من علتك يابنت رسول الله ، فقالت من كلام طويل "اصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، لفظتهم بعد ان عجمتهم ، وشنأتهم ، بعد ان سبرتهم ، فقبحا لفلول الحد، وجور القنا، وخطل الرأى، وبئسما قدمت لهم انفسهم ان سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون ، لاجرم لقد قلدتهم ربقتها وشلت عليهم عارها، فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين ، ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة وقواعد النبوة ، ومهبط الروح الامين ، الطبن بأمور الدنيا والدين الا ذلك هو الخسران المبين ..).
ان عاطفتها القوية تطفى على تعبيرها، وهى تحسن نقل مشاعرها الى القارىء من خلال الكلمات والصور فترقى به الى افق من الخيال ، وتستولى على حسه ومشاعره فلا يسعه إلا المشاركة الوجدانية .
** زينب بنت علي ، وام كلثوم .
هاتان السيدتان الكريمتان نشأتا فى حجر البلاغة ، وكلامهما يشبه الى حد بعيد كلام السيدة فاطمة من حيث جزالته وقوة اسره وشدة وقعه ، من ذلك خطبة زينب امام يزيد بن معاوية بعد مصرع اخيها الحسين "اظننت يا يزيد انه حين أخذ علينا بأطراف الارض واكناف السماء، فأصبحنا فساق كما يساق الاساري ان بنا هوانا على الله ، وبك عليه كرامة ، وان هذا العظيم خطرك فشمخت بأنفك ، ونظرت فى عطفيك ، جذلان فرحا حين رأيت الدنيا مستوسقة لك ، والامور متسقة عليك ، وقد امهلت ونفست .. امن العدل تحذيرك نساءك واماءك وسوقك بنات رسول الله (ص) قد هتكت ستورهن واصحلت اصواتهن ، مكتئبات تحذى بهن الاباعي، ويحدو بهن الاباعد من بلد الى بلد، لايراقبن ولا يؤوين ، يتشرفهن القريب والبعيد، ليس معهن ولي من رجالهن …"
وفى هذا الخطاب ما فيه من القسوة والعنف والجرأة فى مخاطبة الخليفة مما لايجسر على قوله الرجال ، وفيه من التقريع واللوم وقوة الحجة وروعة البلاغة ما يشعر بأن كلامها قطعة من كلام ابيها فصاحة وبلاغة .
ولا تقل خطبة ام كلثوم فى اهل الكوفة عن خطبة زينب بلاغة فقد وقفت بين اهل الكوفة ونسوتها يبكين الحسين ، فكأنما كانت تنطق بلسان ابيها على حد تعبير جعفر بن محمد، راوي الخطبة ، فأومأت إلى الناس الى ان اسكتوا، فلما سكنت الانفاس قالت : "ابدأ بحمد الله والصلاة والسلام على نبيه ، اما بعد: يا اهل الكوفة ، يا اهل الخر "الغدر" والخذل ، لا فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنة ، انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثا، تتخذون ايمانكم دخلا "الغدر" بينكم الا وهل فيكم إلا الصلف والشنف "البغض" وملق الاماء وغمز الاعداء، وهل انتم إلا كمرعى على دمنة ، وكفضة على ملحودة "مدفونة " الاساء ما قدمت انفسكم ان سخط الله عليكم وفى العذاب ، انتم خالدون ، اتبكون ..؟؟ اي والله فابكوا، وانكم والله احرياء بالبكاء، فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها..".
والسيدة زينب تنوع فى العبارة بين الخبر والانشاء، وتتلاعب فى قلوب سامعيها، واسلوبها يشبه الى حد بعيد اسلوب والدها علي بن ابي طالب رضى الله عنه فى خطبه ، وكأن البلاغة ارث تحدر اليها مع الدم . اهـــ
أقول : ملاحظه : أهل الكوفه لم يكونوا شيعه فهم يقدمون أبي بكر وعمروقد ورد في خطاب الامام الحسين عليه السلام ياشيعة آل أبي سفيان : فقال عليه السلام: ويحكم يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عُرُباً كما تزعمون (1)
وهناك من يخلط بين شيعة الإمام علي عليه السلام وشيعة آل أبي سفيان لأن القاسم المشترك بينهم أنهم شيعه لكذا فيتوهم بمجرد إطلاق العباره أنهم شيعه لعلي عليه السلام والحاصل أنهم ليسو كذلك لتقديمهم أبي بكر وعمرعلى الإمام علي عليه السلام فكيف يكونوا من شيعة الإمام علي عليه السلام وان ادعوا التشيع له فالكل يدعي التشيع لأهل البيت ليلبس على الناس !!!!
وهنا الدليل :
قال الشيخ ابن تيميه في منهاج السنة النبوية :
وكان السلف متفقين على تقديمهما حتى شيعة علي رضي الله عنه
وروى ابن بطة عن شيخه المعروف بأبي العباس بن مسروق حدثنا محمد بن حميد حدثنا جرير عن سفيان عن عبد الله بن زياد عن حدير قال قدم أبو إسحاق السبيعي الكوفة قال لنا شمر بن عطية قوموا إليه فجلسنا إليه فتحدثوا فقال أبو إسحاق خرجت من الكوفة وليس أحد يشك في فضل أبي بكر وعمر وتقديمهما وقدمت الآن وهم يقولون ويقولون ولا والله ما أدرى ما يقولون
وقال حدثنا النيسابوري حدثنا أبو أسامة الحلبي حدثنا أبي حدثنا ضمرة عن سعيد بن حسن قال سمعت ليث بن أبي سليم يقول أدركت الشيعة الأولى وما يفضلون على أبي بكر وعمر أحدا
وقال أحمد بن حنبل حدثنا ابن عيينة عن خالد بن سلمة عن الشعبي عن مسروق قال حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة ومسروق من أجل تابعي الكوفة (2)
أقول : وهذا رد قاصم على من يقول الآن أن الشيعه هم من قتلوا الحسين ولايعرف مامعنى الشيعه في ذلك الوقت !!!
فشيعة الامام علي عليه السلام هم من قوتلوا وحوربوا
والدليل في هذا النقل :
أخرج الطبراني في معجمه الكبير3/68 بسنده عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: كان زياد يتتبع شيعة علي رضي الله عنه فيقتلهم، فبلغ ذلك الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: اللهم تفرد بموته، فإن القتل كفارة (قال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/266: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ) .
وهنا الشيخ ابن تيميه يعترف أن قتلة الامام الحسين عليه السلام هم النواصب قال في منهاج السنه :
ولهم في المكابرات وجحد المعلومات بالضرورة أعظم مما لأولئك النواصب الذين قتلوا الحسين وهذا مما يبين أنهم أكذب وأظلم وأجهل من قتلة الحسين (3)
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان
ــــــــــــ
(1) راجع مقتل الحسين للخوارزمي 2/38. ، قال عن الخوارزمي إسماعيل باشا في كتابه هدية العارفين ( الوراق)( (2/ 198 ) - ( 1/199 ) : خطيب خوارزم أبو الوليد الوليد الموفق بن أحمد بن محمد المكي الحنفي المعروف بأخطب خوارزم ولد سنة 484 وتوفي سنة 568 ثمان وستين وخمسمائه صنف مناقب المام ابو حنيفه )
(2) http://islamport.com/w/tym/Web/3420/1874.htm
(3) اhttp://islamport.com/w/tym/Web/3420/1263.htm
تعليق