إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

أحاديث الاإقرار

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحاديث الاإقرار

    مقدمة
    الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أبي القاسم محمد (صلى الله عليه وآله)، وعلى آله الطيبين الطاهرين.

    من المعروف أنَّ السنّة الشريفة في مصاف الكتاب العزيز في تأسيس الأحكام الشرعية، لذا اهتم الأصوليون والفقهاء بدراسة أحاديث الأحكام من حيث السند والمتن والرجال، لأنها تدخل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في عملية استنباط الأحكام الشرعية.

    ومن هذه الأحاديث ما هو متواتر، ومنها ما هو صحيح أو ضعيف أو ليس له وجود أو سند أصلاً لكنه مشهور ومتداول على ألسنة الجمهور ومستدل به في كتب الفقه ومؤسَس له في قواعد فقهية، ومن هذه الأحاديث اخترت الأحاديث الخاصة بقاعدة الإقرار.

    إذ قيل أنَّ الإقرار شرعاً عبارة عن الصيغة الصريحة، وهي اللفظ المتضمن للإخبار عن حق واجب، واعتبره الفقهاء حجّة على المقر، ومستندهم في ذلك بعض الآيات الشريفة والمرويات المنسوبة إلى الرسول وآل بيته صلوات الله عليهم أجمعين.

    انتظم البحث في مطلبين تناولت حديثين مشهورين وهما المؤسسان لقاعدة الإقرار، والذي تبين أنهما لا وجود لهما في كتب الحديث عند الفريقين إلّا أنَّ الفقهاء تداولوهما في استنباطهم فصارت لهما هذه الشهرة.




    أحاديـــث حـكم الإقـرار

    سيتناول البحث هذه الأحاديث المنسوبة إلى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في مطلبين:



    المطلب الأول

    الحديث المنسوب إلى الرسول (صلى الله عليه وآله): «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز». ويمكن تناول هذا الحديث المشهور لتوضيح المطلب بالنقاط الآتية:

    أولاً : متن الحديث:

    رواه الشيخ الطوسي(ت:460هـ) في الخلاف:«إقرار العاقل على نفسه جائز»[1].

    والعلّامة الحلي(ت: 726هـ) في التذكرة:«إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»[2]..

    ثانياً: مصادره
    لم يُروَ الحديث في كتب الجمهور سواء كانت حديثية، أو فقهية، إلّا أنهم استدلوا على نفوذ الإقرار مطلقًا ببعض الروايات التي رووها عن النبي(صلى الله عليه وآله) في قضايا خاصة ثم استفادوا منها العموم في جميع الموارد[3] .

    وأما في المصادر الإمامية فليس له وجود في كتب الحديث القديمة المعتبرة، إلّا أبي جمهور الاحسائي(ت: 880هـ) الذي أورده في عوالي اللآلي[4].وأخذه المتأخرون عنه أمثال صاحب مستدرك الوسائل.

    إلَّا أنَّ أصحاب الكتب الفقهية قد أوردوه وعملوا به، أمثال الشيخ الطوسي في الخلاف، والعلّامة الحلي في التذكرة، ثم شاع ذكره والاستدلال به في باقي الكتب الفقهية، حتى قال السيد البجنوردي(ت:1395هـ)«ولا يبعد تواتره؛ لاتفاق الفريقين على نقله والاستدلال به في الموارد الخاصة»[5].



    ثالثاً: معنى الحديث
    أما الإقرار لغة وبحسب المتفاهم العرفي عبارة: عن جعل الشيء ذا قرار وثبات، فمعنى أقرّه على شغله أي: جعله ثابتًا على ذلك الشغل.

    والمتبادر من كلمة (على نفسه) هو كون الشيء على ضرره، كما أنَّ معنى لنفسه كونه لنفعه. ومنه قولهم أنت لنا أو علينا أي: تنفعنا أو تضرنا، ومعنى كلمة جائز: أي نافذ وماض، لا الجواز مقابل الحرام. وذلك من جهة أنها بذلك المعنى ليست مختصة بالإقرار على النفس، بل الإقرار للنفس، وبما ينفع المقر أيضًا جائز، فمن الواضح إن الجواز هاهنا بمعنى النفوذ والمضي، وعلى هذا المعنى اتفاق العقلاء[6].

    وفُسّر الحديث: بأنه من أقرّ على نفسه وهو عاقل فهذا الإقرار يكون جائزا عليه، بحيث يؤاخذ باعترافه وهو حجّة. ويكون حجّة إذا كان خلاف مصلحة المقر، وإلّا فلا يعد كذلك.كما إذا أقرَّ بدَين في ذمته، أو بغصب مال شخص أو قتله أو جرحه[7].


    رابعاً: حجية الحديث
    يقع الكلام في حجيته في مقامين[8]:

    الأول: في حجية نفسه، فلا شك أنه لو قصر النظر على النبوي المبحوث عنه فهو لا يرقى إلى مستوى الاعتبار والحجية الشرعية. لأنه حديث آحاد مرسل لا يفيد وثوقًا ولا اطمئناناً.

    الثاني: في الوجوه التي اُستدل بها على حجيته، وهي:

    الوجه الأول، ما استند إليه كثير من المتأخرين، وهو وإن كان ضعيف السند لكنه منجبر بعمل المشهور وفتواهم على طبقه قديمًا وحديثًا.

    إلا أنه يُردّ عليه بأنه لا يمكن جبر ضعف السند بشكل مطلق. كما أن انجبار الحديث إنما يصح ويعقل إذا ثبت نسبته إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) فإذا عُلم غير ذلك فلا ينجبر الحديث بعمل المشهور، لأنه لا يكون حينئذ كالفتوى المشهورة بين العلماء. والدلائل تشير إلى أنَّ نسبته إلى النبي (صلى الله عليه وآله) نسبة غير صحيحة، وإنما حصل الاشتباه لدى بعض العلماء بعد الشيخ الطوسي الذي نسبه إلى النبي (صلى الله عليه وآله). ومن الشواهد على ذلك:

    1- أنَّ الحديث لم يرد في أي كتاب من كتب الحديث للفريقين، وهذا يدل على أنه خبر رواه الجمهور كما هو ظاهر في كلام الشيخ في الخلاف[9].

    2- إن الشيخ هو أول من أورد الحديث في كتابه الخلاف، ومع ذلك لم يتمسك به في المبسوط[10] -المتأخر عن الخلاف – لإثبات حجية الإقرار، وإنما استدل بأخبار كلها من الجمهور واردة في موارد خاصة.

    3- إن الشيخ أورد الخبر في مورين من الخلاف، قال في أحدهما: دليلانا الأخبار المروية في أن إقرار العاقل على نفسه جائز. على أنه لم يصلنا خبر واحد من هذه الأخبار، وكيف غابت عن الشيخ نفسه في كتابيه التهذيب والاستبصار؟

    ومن ذلك يدل على أن الشيخ قد استنبط القاعدة المذكورة (إقرار العاقل على نفسه جائز) من روايات وأخبار متعددة واردة في الإقرار.ويعد ذلك اجتهادًا منه واستنباطًا. ومن هنا يعرف أن عبارة (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) ليست رواية ولا حديثًا حتى يقال إنه ينجبر ضعفها بعمل المشهور.

    الوجه الثاني: من تصحيح حديث الإقرار ما يظهر من عبارة صاحب الجواهر، والسيد البجنوردي، من دعوى استفاضة الحديث وتواتره لاتفاق الفريقين على نقله والاستلال به.

    وجوابه: تقدم أن الجمهور لم ينقلوه ولم يرووه أصلاً، وعلماؤنا كذلك لم يذكروا له أي سند. لكن لا شك في شهرة الحديث بعد العلّامة الحلي، وكم من مشهور لا أساس له.



    الوجه الثالث: أن الشيخ الطوسي نسب الخبر إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) بما يظهر منه أنه صدر عن النبي قطعاً، حيث قال ك دليلنا قول النبي ... ولم يعبر عنه بأنه روي عنه وهذا يدل على وجود قرائن قطعية لو توفرت لحصل القطع أيضا بصدور المرسل.

    ورُد عليه: أن هذا المبنى – التمييز بين نوعين من المراسيل – غير صحيح ، كما أن الشيخ نسب الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وآله) احتجاجا على أهل السنة، ولو صح هذا المبنى فهو لا يشمل أمثال الشيخ من أهل الاجتهاد والأصول، كما نبه عليه القائل به[11].



    المطلب الثاني


    الحديث المنسوب إليه (صلى الله عليه وآله)، قوله: «قولوا الحق ولو على أنفسكم».

    أولاً: مصادره
    وهذا الحديث أيضاً لم تذكره كتب الحديث عند الإمامية، ولا كتب الحديث عند المذاهب الأُخر. إلّا أنَّ الفقهاء استشهدوا به في كتبهم الفقهية، ومنهم صاحب التذكرة[12]، والمحقق النراقي في عوائده[13]والشهيد الثاني في مسالكه[14]..وغيرها من الكتب الفقهية المتأخرة عنهم.

    بيد أنَّ ابن حجر(ت: 852هـ) رواه مرسلاً، فقال: «رويناه في جزء من حديث أبي علي بن شاذان عن أبي عمرو بن السماك من حديث علي بن الحسين بن علي عن جده علي بن أبي طالب قال ضممت إلى سلاح النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت في قائم سيفه رقعة فيها صل من قطعك وأحسن إلى من أساء إليك وقل الحق ولو على نفسك»[15].

    ثم عقب عليه بقوله: «قال ابن الرفعة في المطلب ليس فيه إلا الانقطاع إلّا أنه يقوى بالآية وفيما قال نظر لان في إسناده الحسين بن زيد بن علي وقد ضعفه ابن المديني وغيره وروى أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير فذكرها وفيها وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مراً»[16].

    وأيضًا تناقله المفسرون واستشهدوا به في تفسير الاية القرآنية ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ...[[17]. ومنهم الفخر الرازي(ت: 660هـ)[18]والسمعاني(ت: 1418 هـ) الذي قال بعد ذكره الآية: «وهو معنى ما روى عن ابن عباس: 'قولوا الحق ولو على أنفسكم'»[19].



    ثانيـاً : معنـاه
    قال المفسرون: شهادة المرء على نفسه إقراره والآيات في ذلك كثيرة في القرآن العزيز، وأما السنّة فما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أقرَّ ماعز عنده بالزنا فرجمه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكذلك العامرية، وقال: أغدُ يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها. والاعتراف هو الإقرار[20].



    ثالثاً : الأحكام المستفادة منه

    1- صحة الإقرار، لأن الإقرار إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة لان العاقل لا يكذب، وهو آكد من الشهادة لان المدعى عليه إذا اعترف لم تسمع عليه الشهادة وإنما الشهادة يحتاج إليها إذا أنكر[21].

    2- أستدل به على أنَّ الأمر ظاهر في الوجوب، فإذا كان قول الحق واجبًا ولو كان على نفسه فيجب قبوله وإلا يكون وجوب قول الحق لغواً وبلا فائدة فلا بد من القول بوجوب القبول، وهذا معناه حجية الإقرار على النفس لكونه واجب القبول [22].





    الخاتمة والنتـائج


    ومما سبق يخلص إلى النتيجتين الآتيتين:

    1- أن حديث إقرار العقلاء... ليس حديثاً صحيحاً وليس بحجة، بل تبين أنه عبارة عن قاعدة متصيدة من الروايات المتفرقة، وهي قاعدة صحيحة تدل عليها سيرة العقلاء الممضاة ، وبعض الروايات الخاصة.

    2- وأن حديث قولوا الحق... لم تروه كتب الحديث أيضاً ومن كلا الفريقين إلّا عند ابن حجر الذي رواه مرسلاً – كما صرح هو بذلك – إلّا أنه مشهور ويستشهد به في قاعدة الإقرار.




    المصادر والمراجع

    - السيد البجنوردي(ت:1395هـ)/القواعد الفقهية، تحقيق: مهدي المهريزي، محمد حسين الدرايتي، الهادي–قم المقدسة، ط1 (1419هـ).

    - ابن حجر/تلخيص الحبير، دار الفكر.

    - حسن حسين البشيري/حديث الإقرار – بحث منشور في مجلة فقه أهل البيت، العدد 51 - السنة 13 (1429هـ).

    - الخميني: السيد روح الله الموسوي /المكاسب المحرمة، مؤسسة اسماعليان، ط 3 (1410هـ).

    - الرازي: أبو عبد الله محمد بن عمر القرشي الشافعي (ت: 606 هـ)/التفسير الكبير، دار الكتب العلمية – بيروت، ط3.

    - السمعاني (ت: 1418 هـ)/تفسير السمعاني، تحقيق: ياسر بن إبراهيم، غنيم بن عباس بن غنيم، دار الوطن–الرياض، ط1 (1997م).

    - الشهيد الثاني (ت: 966)/مسالك الأفهام، مؤسسة المعارف الإسلامية، ط1 (1417هـ)- قم المقدسة.

    - الشيخ الطوسي: أبو جعفر محمد بن الحسن (ت:460هـ)/الخلاف، تحقيق: جماعة من المحققين، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، 1407هـ.

    - الشيخ الطوسي(ت:460هـ)/ المبسوط – كتاب الاقرار.

    - العلّامة الحلي: الحسن بن يوسف بن المطهّر (ت: 726هـ)/تذكرة الفقهاء، منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طبعة حجرية.

    - ابن قدامى: موفق الدين أبو عبد الله بن احمد بن محمد (ت:620هـ)/المغني، دار الكتاب العربي.

    - النراقي (ت: 1244 هـ)/عوائد الأيام، تحقيق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، ط1 (1417هـ).


    [1]- أبو جعفر محمد بن الحسن، 9/169.

    [2]- الحسن بن يوسف بن المطهّر، منشورات المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية،طبعة حجرية، 9/169.

    [3]- ابن قدامى/المغني، 5/271.

    [4]- 1/223، 3/442.

    [5]- القواعد الفقهية، تحقيق: مهدي المهريزي، محمد حسين الدرايتي، الهادي - قم، ط1 (1419 هـ)،3/47.

    [6]- البجنوردي/القواعد الفقهية ، 3 /51.

    [7]- المحقق النراقي (ت: 1244 هـ)/عوائد الأيام، تحقيق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية، مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي، ط1 (1417هـ)، ص488.

    [8]- حسن حسين البشيري/حديث الإقرار – بحث منشور في مجلة فقه أهل البيت، العدد 51 - السنة 13 (1429هـ).

    [9]-الطوسي/الخلاف، 1/45.

    [10]-الطوسي/المبسوط – كتاب الإقرار ، 3/2-3.

    [11] السيد الخميني/المكاسب المحرمة، 1/78.

    [12]- العلّامة الحلي/ تذكرة الفقهاء ، 2 / 144

    -[13] ص487.

    [14]- الشهيد الثاني(ت: 966)/مسالك الأفهام، مؤسسة المعارف الإسلامية،ط1 (1417هـ) - قم - إيران، 11 /شرح ص 7.

    [15]- أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني/التلخيص الحبير في تخريج الرافعي الكبير، دار الفكر،11/89.

    [16]- المصدر السابق.

    [17]- النساء/135.

    [18]- تفسير الرازي،19 / 119.

    [19]- تفسير السمعاني، تحقيق: ياسر بن إبراهيم و غنيم بن عباس بن غنيم، السعودية- دار الوطن-الرياض، ط1 ( 1997م)، 1/488.

    [20]- العلّامة الحلي/ تذكرة الفقهاء ، 2 / 144.

    [21] المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

    [22] السيد البجنوردي/ القواعد الفقهية ، 3 / 47 – 48.

    جميدة الأعرجي
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة وهج الإيمان, يوم أمس, 06:44 PM
ردود 0
8 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة وهج الإيمان
بواسطة وهج الإيمان
 
أنشئ بواسطة مروان1400, 26-03-2024, 06:41 AM
ردود 0
11 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة مروان1400
بواسطة مروان1400
 
يعمل...
X